وجـوب الغيرة على الـمحارم وعلى نساء المؤمنين ...
وجـوب الغيرة على الـمحارم وعلى نساء المؤمنين
الغيرة : هي السياج المعنوي لحماية الحجاب، ودفع التبرج والسفور والاختلاط،
والغيرة هي: ما ركّبه الله في العبد من قوة روحية تحمي المحارم والشرف والعفاف من كل مجرم وغادر، والغيرة في الإسلام خلق محمود، وجهاد مشروع؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وإن غيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه )) متفق عليه .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( مَن قُتل دون أهله فهو شهيد )) . رواه الترمذي، ولفظ لفظ: (( من مات دون عرضه فهو شهيد )) .
فالحجاب باعث عظيم على تنمية الغيرة على المحارم أن تنتهك، أو يُنال منها، وباعث على توارث هذا الخلق الرفيع في الأسر والذراري: غيرة النساء على أعراضهن وشرفهن، وغيرة أوليائهن عليهن، وغيرة المؤمنين على محارم المؤمنين من أن تنال الحرمات، أو تخدش بما يجرح كرامتها وعفتها وطهارتها ولو بنظرة أجنبي إليها.
ولهذا صار ضد الغيرة: الدياثة، وضد الغيور: الديُّوث. وهو الذي يُقر في أهله ولا غيرة له عليهم .
ولذا سَدَّ الشرع المطهر الأسباب الموصلة إلى هتك الحجاب وإلى الدياثة، وإليك هذا البيان النفيس للشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى عند حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (( ما من امرأة تطيبت للمسجد فيقبل الله لها صلاة حتى تغتسل منه اغتسالها من الجنابة )) . رواه أحمد، قال رحمه الله تعالى في تحقيقه للمسند [15/ 108 - 109]
ما نصه:
(( وانظر أيها الرجل المسلم، وانظري أيتها المرأة المسلمة هذا التشديد من رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروج المرأة متطيبة تريد المسجد لعبادة ربها، أنها لا تقبل لها صلاة إن لم تغتسل من الطيب كغسل الجنابة، حتى يزول أثر الطيب.
انظر إلى هذا، وإلى ما يفعل نساء عصرنا المتهتكات الفاجرات الداعيات، وهنَّ ينتسبن إلى الإسلام زوراً وكذباً، يساعدهن الرجال الفجار الأجرياء على الله وعلى رسوله وعلى بديهيات الإسلام، يزعمون جميعاً أن لا بأس بسفور المرأة، وبخروجها عارية باغية، وباختلاطها بالرجال في الأسواق وأماكن اللهو والفجور، ويجترؤون جميعاً فيزعمون أن الإسلام لم يحرم عليها السفر في البعثات التي يسمونها علمية، ويجيزون لها أن تتولى المناصب السياسية.
بل انظروا إلى منظر هؤلاء الفواجر في الأسواق والطرقات، وقد كشفن عن عوراتهن التي أمر الله ورسوله بسترها، فترى المرأة وقد كشفت عن رأسها متزينة متهتك، وكشفت عن ثدييها، وعن صدرها وظهرها، وعن إبطيها وما تحت إبطيها، وتلبس الثياب التي لا تستر شيئاً، والتي تشف عما تحتها، وتظهره في أجمل مظهر لها، بل إننا نرى هذه المنكرات في نهار رمضان، لا يستحين، ولا يستحي مَن استرعاه الله إياهن من الرجال، بل من أشباه الرجال الدياييث، ثم قل بعد ذلك: أهؤلاء -رجالاً ونساءً- مسلمون ؟!! )) انتهى .
أقول: وإذا أردت أن تعرف فضل الحجاب وستر النساء وجوههن عن الأجانب فانظر إلى حال المتحجبات، ماذا يحيط بهن من الحياء، والبعد عن مزاحمة الرجال في الأسواق، والتصون التام عن الوقوع في الرذائل، أو أن تمتد إليهن نظرات فاجر؟ وإلى حال أوليائهن: ماذا لديهم من شرف النفس والحراسة لهذه الفضائل في المحارم؟
وقارن هذا بحال المتبرجة السافرة عن وجهها التي تُقَلِّب وجهها في وجوه الرجال، وقد تساقطت منها هذه الفضائل بقدر ما لديها من سفور وتهتك، وقد ترى السافرة الفاجرة تحادث أجنبياً فاجراً تظن من حالهما أنهما زوجان بعقد أُشْهِد عليه أبو هريرة رضي الله عنه ، ولو رآها الديوث زوجها وهي على هذه الحال، لما تحركت منه شعرة، لموات غيرته، نعوذ بالله من موت الغيرة ومن سوء المنقلب.
وأين هؤلاء الأزواج من أعرابي رأي من ينظر إلى زوجته، فطلقها غيرة على المحارم، فلما عُوتب في ذلك،
قال قصيدته الهائية المشهورة، ومنها:
وأتــــرك حبها من غير بغض***وذاك لــكثرة الشــركاء فيه
إذا وقــــع الذباب على طعام***رفــعت يـدي ونفسي تشتهيه
وتجتـنب الأســود ورود ماءٍ***إذا رأت الكـــلاب وَلَغنَ فيه
وأين هؤلاء الأزواج من عربية سقط نصيفها -خمارها- عن وجهها، فالتقطته بيدها، وغطَّت وجهها بيدها الأخرى، وفي ذلك قيل :
سَقَطَ النَّصِيفُ ولم ترد إسقاطه…فتناولته واتَّقَـتْـنا باليد
وأعلى من ذلك وأجل ما ذكره الله سبحانه في قصة ابنتي شيخ مدين: ]فجاءته إحداهما تمشي على استحياء[ [القصص: 25] فقد جاء عن عمر رضي الله عنه بسند صحيح أنه قال:
جاءت تمشي على استحياء قَائِلَةً بثوبها على وجهها، لَيْسَت بِسَلْفَعٍ مِن النساء ولاّجةً خرَّاجة .
والسلفع من النساء: الجريئة السليطة، كما في تفسير ابن كثير [3/384] رحمه الله تعالى .
وفي الآية أيضاً من الأدب والعفة والحياء، ما بلغ ابنة الشيخ مبلغاً عجيباً في التحفظ والتحرز،
إذ قالت : : ]إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا[فجعلت الدعوة على لسان الأب، ابتعاداً عن الرَّيب والرِّيبة .
حِرَاسَةُ الْفَضِيلَةِ
الأصل العاشر
تأليف :
بكر أبو زيد
- رحمة الله عليه -
الغيرة : هي السياج المعنوي لحماية الحجاب، ودفع التبرج والسفور والاختلاط،
والغيرة هي: ما ركّبه الله في العبد من قوة روحية تحمي المحارم والشرف والعفاف من كل مجرم وغادر، والغيرة في الإسلام خلق محمود، وجهاد مشروع؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وإن غيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه )) متفق عليه .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( مَن قُتل دون أهله فهو شهيد )) . رواه الترمذي، ولفظ لفظ: (( من مات دون عرضه فهو شهيد )) .
فالحجاب باعث عظيم على تنمية الغيرة على المحارم أن تنتهك، أو يُنال منها، وباعث على توارث هذا الخلق الرفيع في الأسر والذراري: غيرة النساء على أعراضهن وشرفهن، وغيرة أوليائهن عليهن، وغيرة المؤمنين على محارم المؤمنين من أن تنال الحرمات، أو تخدش بما يجرح كرامتها وعفتها وطهارتها ولو بنظرة أجنبي إليها.
ولهذا صار ضد الغيرة: الدياثة، وضد الغيور: الديُّوث. وهو الذي يُقر في أهله ولا غيرة له عليهم .
ولذا سَدَّ الشرع المطهر الأسباب الموصلة إلى هتك الحجاب وإلى الدياثة، وإليك هذا البيان النفيس للشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى عند حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (( ما من امرأة تطيبت للمسجد فيقبل الله لها صلاة حتى تغتسل منه اغتسالها من الجنابة )) . رواه أحمد، قال رحمه الله تعالى في تحقيقه للمسند [15/ 108 - 109]
ما نصه:
(( وانظر أيها الرجل المسلم، وانظري أيتها المرأة المسلمة هذا التشديد من رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروج المرأة متطيبة تريد المسجد لعبادة ربها، أنها لا تقبل لها صلاة إن لم تغتسل من الطيب كغسل الجنابة، حتى يزول أثر الطيب.
انظر إلى هذا، وإلى ما يفعل نساء عصرنا المتهتكات الفاجرات الداعيات، وهنَّ ينتسبن إلى الإسلام زوراً وكذباً، يساعدهن الرجال الفجار الأجرياء على الله وعلى رسوله وعلى بديهيات الإسلام، يزعمون جميعاً أن لا بأس بسفور المرأة، وبخروجها عارية باغية، وباختلاطها بالرجال في الأسواق وأماكن اللهو والفجور، ويجترؤون جميعاً فيزعمون أن الإسلام لم يحرم عليها السفر في البعثات التي يسمونها علمية، ويجيزون لها أن تتولى المناصب السياسية.
بل انظروا إلى منظر هؤلاء الفواجر في الأسواق والطرقات، وقد كشفن عن عوراتهن التي أمر الله ورسوله بسترها، فترى المرأة وقد كشفت عن رأسها متزينة متهتك، وكشفت عن ثدييها، وعن صدرها وظهرها، وعن إبطيها وما تحت إبطيها، وتلبس الثياب التي لا تستر شيئاً، والتي تشف عما تحتها، وتظهره في أجمل مظهر لها، بل إننا نرى هذه المنكرات في نهار رمضان، لا يستحين، ولا يستحي مَن استرعاه الله إياهن من الرجال، بل من أشباه الرجال الدياييث، ثم قل بعد ذلك: أهؤلاء -رجالاً ونساءً- مسلمون ؟!! )) انتهى .
أقول: وإذا أردت أن تعرف فضل الحجاب وستر النساء وجوههن عن الأجانب فانظر إلى حال المتحجبات، ماذا يحيط بهن من الحياء، والبعد عن مزاحمة الرجال في الأسواق، والتصون التام عن الوقوع في الرذائل، أو أن تمتد إليهن نظرات فاجر؟ وإلى حال أوليائهن: ماذا لديهم من شرف النفس والحراسة لهذه الفضائل في المحارم؟
وقارن هذا بحال المتبرجة السافرة عن وجهها التي تُقَلِّب وجهها في وجوه الرجال، وقد تساقطت منها هذه الفضائل بقدر ما لديها من سفور وتهتك، وقد ترى السافرة الفاجرة تحادث أجنبياً فاجراً تظن من حالهما أنهما زوجان بعقد أُشْهِد عليه أبو هريرة رضي الله عنه ، ولو رآها الديوث زوجها وهي على هذه الحال، لما تحركت منه شعرة، لموات غيرته، نعوذ بالله من موت الغيرة ومن سوء المنقلب.
وأين هؤلاء الأزواج من أعرابي رأي من ينظر إلى زوجته، فطلقها غيرة على المحارم، فلما عُوتب في ذلك،
قال قصيدته الهائية المشهورة، ومنها:
وأتــــرك حبها من غير بغض***وذاك لــكثرة الشــركاء فيه
إذا وقــــع الذباب على طعام***رفــعت يـدي ونفسي تشتهيه
وتجتـنب الأســود ورود ماءٍ***إذا رأت الكـــلاب وَلَغنَ فيه
وأين هؤلاء الأزواج من عربية سقط نصيفها -خمارها- عن وجهها، فالتقطته بيدها، وغطَّت وجهها بيدها الأخرى، وفي ذلك قيل :
سَقَطَ النَّصِيفُ ولم ترد إسقاطه…فتناولته واتَّقَـتْـنا باليد
وأعلى من ذلك وأجل ما ذكره الله سبحانه في قصة ابنتي شيخ مدين: ]فجاءته إحداهما تمشي على استحياء[ [القصص: 25] فقد جاء عن عمر رضي الله عنه بسند صحيح أنه قال:
جاءت تمشي على استحياء قَائِلَةً بثوبها على وجهها، لَيْسَت بِسَلْفَعٍ مِن النساء ولاّجةً خرَّاجة .
والسلفع من النساء: الجريئة السليطة، كما في تفسير ابن كثير [3/384] رحمه الله تعالى .
وفي الآية أيضاً من الأدب والعفة والحياء، ما بلغ ابنة الشيخ مبلغاً عجيباً في التحفظ والتحرز،
إذ قالت : : ]إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا[فجعلت الدعوة على لسان الأب، ابتعاداً عن الرَّيب والرِّيبة .
حِرَاسَةُ الْفَضِيلَةِ
الأصل العاشر
تأليف :
بكر أبو زيد
- رحمة الله عليه -
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق